القرآن هو كتاب الاسلام الخالد الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " ومن بين المجالات التي تذهلنا وتدهشنا الاعجاز في القرآن الكريم فكلما اقتربنا من مائده الرحمن هذه كلما ازددنا يقينا على يقين ورأينا رأي العين أننا أما بحر زاخر لا ساحل له
وسأتكلم عن الاعجاز البياني في القرآن الكريم وهو تلاؤم الألفاظ مع معانيها تلاؤما محكما ..
* خذ كلمة قرآنية واستخدمها في شعر أو نثر ستجدها كالدرة وسط العقد *
قال الله تعالى : فأكله الذئب " سورة يوسف آيه 17 من قصة سيدنا يوسف عليه السلام
قد يطرأ سؤال : اننا بعقولنا البشرية فد نقول في هذا المقام فافترسه الذئب وبخاصه ان الذئب حيوان مفترس من شانه ان يهجم على فريسته ليشبع بطنه ويرد جوعه بافتراس ماتيسر منها من لحم و شحم او عظم ودم , وسرعان ما ينصرف عنها تاركا سقطها : دماء تنزف و عظما تهشم وبقايا مختلطه من جلد وشعر وما الى ذلك ...
ومعنى هذا ان الافتراس يعقبه عاده بقايا من الفريسه او الضحيه
وعلى هذا لم يكن ممكنا لاخوة يوسف - وهم يكذبون على ابوهم - أن يقولوا له ان الذئب قد افترس أخاهم والا لسالهم الاب عما تبقى من ابنه بعد حادثه الهجوم و الافتراس وهنا كان لهم ان يفتضح امرهم حيث لم يكونوا قادرين على اخفاء جريمتهم ولذلك فقد اختاروا - او بالاحرا - اختار القرآن الكريم لهم أن يجيء تعبيرهم بفعل " أكل " وذلك بدلا من فعل " افترس " حيث كان الاكل يداري فعلتهم النكراء وجريمتهم الشنعاء اذ هو اتيان على المأكول كله دون ترك آثار منه ومعنى ذلك أن التعبير بالاكل دون افتراس قد جاء تغطية امينة لموقفهم الفاضح وفعلهم الجاهل وهذا بالضبط ما قصدنا في تلاؤم اللفظ مع المعنى بل مع الموقف و السياق
ان الافتراس معناه فعل السبع القتل فحسب واصل الفرس دق العنق
والقوم انا ادعوا على الذئب انه اكله واتى على جميع اجزائه و اعضائه فلم يترك منه مفصلا ولا عظما , وذلك أنهم خافوا مطالبة أبيهم بأثر باق منه يشهد بصحة ماذكروه فادعوا فيه الاكل ليزيلوا عن انفسهم المطالبة ..
قال الله تعالى " ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم " سورة الأنعام آيه 151
وقال تعالى " ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم و اياكم " سورة الاسراء 31
الآية الاولى تقول " من املاق " وتردف ذلك بأن يأتي فعل الرزق فيها متصلا بضمير المخاطبين " نرزقكم " على حين تذكر الآية الثانية " خشية املاق " ويأتي بعدها فعل الرزق متصلا بضمير الغائبين " نرقهم "
بامعان النظر في الآية الاولى نجد ان سبب النهي عن القتل هو الفقر الواقع على الاباء فالآية تقول " ولا تقتلوا أولادكم من املاق " اي بسبب الفقر ومعنى ذلك ان الآية تخاطب الفقراء في الحقيقة وأهم مايسعى اليه الفقير وينتظره أن يطمئن على رزقه هو اولا وقبل أي انسان آخر مهما يكن حتى لو كان من صلبه , ومن هنا جاء مناسبا أن يتوجه الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الفقراء على الحقيقة فيطمئنهم مباشرة بأنه سيرزقهم ومن ينجبون
وبنفس القدر على التامل نستطيع أن نكشف سر الآية الثانية فالآية تقول " ولا تقتوا أولادكم خشية املاق " اي خوفا او تحسبا لفقر مرتقب ومعتى ذلك أن المخاطبين - الان على الاقل- لآمنون على رزقهم لديهم مايسد رمقهم ومن هنا ليسوا بحاجه الى طمأنة على ارزاقهم الان لان كل ما يخشونه أن يجيء هؤلاء الاولاد المستقبليون فيهددوا رزقهم او ينقصوا منه
من أجل هذا تجيء طمأنة القرآن الكريم لهم في هذه الحاله نابعه من واقعهم " نحن نرزقهم واياكم " اي لا تخشوا فلن يكون الابناء عبئا عليكم في المستقبل لانهم سيجيئون ومعهم ارزاقهم وبالطبع فلن ننساكم كذلك ..
وسأتكلم عن الاعجاز البياني في القرآن الكريم وهو تلاؤم الألفاظ مع معانيها تلاؤما محكما ..
* خذ كلمة قرآنية واستخدمها في شعر أو نثر ستجدها كالدرة وسط العقد *
قال الله تعالى : فأكله الذئب " سورة يوسف آيه 17 من قصة سيدنا يوسف عليه السلام
قد يطرأ سؤال : اننا بعقولنا البشرية فد نقول في هذا المقام فافترسه الذئب وبخاصه ان الذئب حيوان مفترس من شانه ان يهجم على فريسته ليشبع بطنه ويرد جوعه بافتراس ماتيسر منها من لحم و شحم او عظم ودم , وسرعان ما ينصرف عنها تاركا سقطها : دماء تنزف و عظما تهشم وبقايا مختلطه من جلد وشعر وما الى ذلك ...
ومعنى هذا ان الافتراس يعقبه عاده بقايا من الفريسه او الضحيه
وعلى هذا لم يكن ممكنا لاخوة يوسف - وهم يكذبون على ابوهم - أن يقولوا له ان الذئب قد افترس أخاهم والا لسالهم الاب عما تبقى من ابنه بعد حادثه الهجوم و الافتراس وهنا كان لهم ان يفتضح امرهم حيث لم يكونوا قادرين على اخفاء جريمتهم ولذلك فقد اختاروا - او بالاحرا - اختار القرآن الكريم لهم أن يجيء تعبيرهم بفعل " أكل " وذلك بدلا من فعل " افترس " حيث كان الاكل يداري فعلتهم النكراء وجريمتهم الشنعاء اذ هو اتيان على المأكول كله دون ترك آثار منه ومعنى ذلك أن التعبير بالاكل دون افتراس قد جاء تغطية امينة لموقفهم الفاضح وفعلهم الجاهل وهذا بالضبط ما قصدنا في تلاؤم اللفظ مع المعنى بل مع الموقف و السياق
ان الافتراس معناه فعل السبع القتل فحسب واصل الفرس دق العنق
والقوم انا ادعوا على الذئب انه اكله واتى على جميع اجزائه و اعضائه فلم يترك منه مفصلا ولا عظما , وذلك أنهم خافوا مطالبة أبيهم بأثر باق منه يشهد بصحة ماذكروه فادعوا فيه الاكل ليزيلوا عن انفسهم المطالبة ..
قال الله تعالى " ولا تقتلوا أولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم " سورة الأنعام آيه 151
وقال تعالى " ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم و اياكم " سورة الاسراء 31
الآية الاولى تقول " من املاق " وتردف ذلك بأن يأتي فعل الرزق فيها متصلا بضمير المخاطبين " نرزقكم " على حين تذكر الآية الثانية " خشية املاق " ويأتي بعدها فعل الرزق متصلا بضمير الغائبين " نرقهم "
بامعان النظر في الآية الاولى نجد ان سبب النهي عن القتل هو الفقر الواقع على الاباء فالآية تقول " ولا تقتلوا أولادكم من املاق " اي بسبب الفقر ومعنى ذلك ان الآية تخاطب الفقراء في الحقيقة وأهم مايسعى اليه الفقير وينتظره أن يطمئن على رزقه هو اولا وقبل أي انسان آخر مهما يكن حتى لو كان من صلبه , ومن هنا جاء مناسبا أن يتوجه الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الفقراء على الحقيقة فيطمئنهم مباشرة بأنه سيرزقهم ومن ينجبون
وبنفس القدر على التامل نستطيع أن نكشف سر الآية الثانية فالآية تقول " ولا تقتوا أولادكم خشية املاق " اي خوفا او تحسبا لفقر مرتقب ومعتى ذلك أن المخاطبين - الان على الاقل- لآمنون على رزقهم لديهم مايسد رمقهم ومن هنا ليسوا بحاجه الى طمأنة على ارزاقهم الان لان كل ما يخشونه أن يجيء هؤلاء الاولاد المستقبليون فيهددوا رزقهم او ينقصوا منه
من أجل هذا تجيء طمأنة القرآن الكريم لهم في هذه الحاله نابعه من واقعهم " نحن نرزقهم واياكم " اي لا تخشوا فلن يكون الابناء عبئا عليكم في المستقبل لانهم سيجيئون ومعهم ارزاقهم وبالطبع فلن ننساكم كذلك ..
قال الله تعالى " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه " سورة غافر آية 5
يجيء فعل " ليأخذوه " هنا مناسبا غاية التناسب لانه يعبر عن الاحوال جميعها , تلك التي طرأت على الانبياء و الرسل من قبل الامم التي ارسلوا اليها .
لقد لقى هؤلاء الرسل صنوفا والوانا من المجادلات و المماحكات و المضايقات , تمخضت جميعها في الاعتداءات التي اتخذت اشكالا متباينة .
والقرآن الكريم يجمل كل ماوقع في كلمة واحدة هي " ليأخذوه " التي جاءت تشمل و تستوعب كل ما حدث ومن هنا لا يصلح في موضعها غيرها , هب أن أحدا يقول انه ممكنا ان يقال مثلا : ليقتلوه , ليرجموه , لينفوه , ليطردوه , ليهلكوه , ليذلوه .
نقول ان شيئا من هذا لم يكن ليتناسب و المقصود ابدا ذلك لان كل كلمة من هذه البدائل تؤدي فقط معناها الخاص بها , دون ان يندرج تحتها غيره ومعنى ذلك أن يظل التعبير و الحالة هذه غير مكتمل الوفاء بما اريد ولهذا السبب يجيء تمكن الفعل " ليأخذوه " في هذا السياق تمكنا أمينا و مؤاتاة دقيقة و موجزة يمتد في دلالته القصوى ليشمل كل تلك الاحوال
وللحديث بقية